الكنافة على الطريقة المصرية
تكثر الأطباق اللبنانية التي تزين مائدة الفطور وتتنوع بين الأصناف المالحة والحلويات والفاكهة.. ويتميز كل طبق بخصائص فريدة ومواصفات غذائية كاملة. الا ان المائدة الصباحية لا تكتمل من دون كعكة الكنافة التي تتصدر قائمة المأكولات وتبرز كوجبة فاخرة جداً، يجتمع حولها الأهل والأصدقاء وتقام على شرفها أجمل اللقاءات الصباحية الممتعة. انها أطيب «ترويقة» لبنانية تقليدية، يحبها الكبار والصغار. بعضهم يطلبها يومياً والبعض الآخر يفضل تناولها من وقت الى آخر أو في المناسبات. ففي التراث الغذائي اللبناني تحتل الكنافة بالجبن محورا مهماً، لذا تصنف جزءاً مهماً من هذا التراث. وقد حافظت منذ البداية على طعمها اللذيذ وشكلها المميز اللذين لم يتبدلا على مرّ السنين. أما الشعوب العربية والغربية فتعرّفت اليها وتذوقتها أثناء زياراتها للبنان. وقد تناقلتها بعض الشعوب العربية وأعطتها اسماً مختلفاً وأضافت اليها مكونات أخرى. ففي الأردن مثلاً أطلق عليها اسم «النابلسية» وأضيفت اليها الشعيرية المحمصة، فأصبحت شبيهة بطبق «العثملية» بالشكل والطعم. ويقال ان الكنافة هي فطور نخبوي، يقدم خلال الأعياد الرسمية والمناسبات الكبيرة ويرمز الى التكريم والتأهيل. وقد كانت العائلات اللبنانية العريقة تفتخر بضيافة أطيب كعكة كنافة بالجبن أو كنافة بالقشدة. ولا تعتبر الكنافة فطوراً شعبيا مثل منقوشة الصعتر مثلاً، لأنها أغلى ثمناً وتعادل ثلاث مرات ثمن المنقوشة، وقد وصلت أخيراً الى 3000 ليرة لبنانية (اي ما يساوي دولارين) لدى غالبية محلات الكنافة الشهيرة، كما انها تباع فقط في محال متخصصة بصناعة الحلويات. وتشتهر في هذا المجال أسماء لبنانية عريقة مثل الدويهي، سي سويت، البحصلي، عبد القادر الحلاب، الحلبي، ابن الملوك وغيرها. وتختلف طعمة الكنافة من محل الى آخر، انطلاقاً من طريقة التحضير ونوعية المواد المستعملة. فيقال مثلاً هذه كنافة الـ «سي سويت»، وتلك كنافة «الحلبي».. أما تصنيف أطيب كنافة فيعود الى ذوق الزبون الذي يعتاد على محل معين، فيرتاده باستمرار مقتنعاً أنه الأفضل على الاطلاق.
وللتعرف أكثر على تاريخ الكنافة اللبنانية وأنواعها وخصائصها، زارت «الشرق الأوسط» محل «الدويهي» الشهير بتقديم أطيب كعكة كنافة والرائد بصناعة الحلويات العربية المختلفة. وتحدث غابي الدويهي عن تاريخ عائلته العريق في هذا المجال، بحيث بدأت المسيرة مع الكبير جورج الدويهي الذي أسس عام 1936 أول فرع لمحلات «الدويهي» في منطقة اهدن الشمالية، التي اشتهرت بتقديم أطيب كنافة وأجود أنواع الحلويات. وبعدما ذاع صيته في الشمال وسائر المناطق اللبنانية، وسّع نطاق عمله الى العاصمة بيروت عام 1978، حيث دخل نطاق المنافسة مع أسماء عريقة وقديمة في صناعة الكنافة، مثل حلويات الصمدي والحلبي والحلاب. وسرعان ما افتتحت محلات الدويهي عدة فروع لها، وتوزعت بين مناطق الزلقا، جل الديب، الأشرفية، سن الفيل، جونية، وهي موجودة اليوم في مطار بيروت الدولي. ويرتبط اسم «الدويهي» بالكنافة بالدرجة الأولى، حيث يقصده عشاق هذه الحلوى من مختلف المناطق اللبنانية والدول العربية، بعضهم يرتاد المحل بشكل يومي والبعض الآخر بشكل متقطع. وتحضّر الكنافة يومياً بالجبن وبالقشدة، لكن بكميات محددة، وتتضاعف الكمية خلال يومي السبت والأحد بحيث يزداد الطلب عليها. ويرى زبائن المحل أن كنافة الدويهي تتميز بنكهة فريدة جداً، خاصة الكنافة بالقشدة التي تتطلب خبرة منمقة وجودة عالية، على حد قول الدويهي الذي شرح لنا أسباب الاختلاف وخصائص الاستمرارية والتقدم. ويكمن سرّ التميز برأيه في اتباع طريقة تحضير خاصة، ثم الاهتمام بجودة المواد المستعملة من الكعكة الى الجبنة والسميد والحليب.. بالاضافة الى الخبرة الطويلة في مجال الحلويات بشكل عام. وتحتوي كنافة الدويهي على مكونات عدة هي: السمنة الحموية، السميد، ماء الزهر وماء الورد، جبنة العكاوي المالحة للكنافة بالجبن، والقشدة الطازجة للكنافة بالقشدة. أما طريقة التحضير فتتبع الخطوات التالية: توضع السمنة في أسفل الصينية، ثم يمدّ السميد المطبوخ، وتوضع فوقه الجبنة المحلاة أو القشدة الطازجة، وأخيراً يمد طبقة ثانية من السميد المطبوخ. وبعدما تخرج الكنافة من الفرن، يوضع عليها القليل من القطر. قد تكون الكنافة بالجبن معروفة ومرغوبة أكثر من الكنافة بالقشدة، الا ان هذه الأخيرة تتميز بأنها وجبة لذيذة وخفيفة في الوقت نفسه. كذلك يتم تحضيرها يومياً على درجة حرارة خفيفة وبكمية قليلة، اذ انها سريعة التلف. وتقدم الكنافة في الكعكة أو في الصحن أو حتى في عجينة الكرواسون ويضاف اليها القطر بحسب الطلب. وتتميز كعكة الدويهي بأنها مغطاة بالسمسم المحمص، وبكونها فارغة من الداخل لتحتوي على كمية كافية من الكنافة. ويرى البعض في هذه الميزة دليلاً على الكرم وحسن الضيافة. وللصغار أيضاً كعكة كنافة بحجم صغير تسمى «كنافة كيدز»، خاصة بمحلات الدويهي. وقد شهدت ترويقة الكنافة أخيراً بعض التغيير في الشكل والمحتوى، رغم أن الحلويات العربية محدودة التطوير نسبياً. فإلى جانب الكنافة بالجبن والكنافة بالقشدة، يقدم الدويهي الى زبائنه كنافة بالشوكولا مع الجبن، كنافة قشدة بالشوكولا، بالاضافة الى الكنافة اللايت الخاصة بالريجيم. ومن المعروف أن الكنافة ترويقة دسمة جداً وتحتوي كل كعكة منها على 980 سعرة حرارية. من هنا ولدت فكرة الكنافة اللايت التي تناسب الأشخاص الذين يتبعون حمية غذائية وأيضاً الذين يرغبون بالمحافظة على وزن مثالي. فهي تحتوي فقط على 350 وحدة حرارية، ومكوّنة من مواد قليلة الدسم، من الجبنة اللايت والسمن النباتي، الى السميد الأسمر والكعكة المصنوعة من الطحين الأسمر، أما القطر المضاف اليها فيتكوّن من نوع خاص من السكر يسمى «سوربيتول». وتختلف طريقة تحضير طبق الكنافة من محل الى آخر ومن منزل الى آخر، واليكم وصفتين مختلفتين لتذوق أطيب ترويقة كنافة بالجبن: * الوصفة الأولى: * المقادير: كيس خبز «توست» طري، قالب صغير من الزبدة، قالب جبنة مجدولة مالحة، كوب من السميد. طريقة التحضير: يقطع خبز «التوست» قطعاً صغيرة جداً ويفرك بالزبدة، ثم يمد في الصينية. توضع فوقه الجبنة المحلاة، ثم يمد السميد المطبوخ. وتوضع الصينية في الفرن لمدة 15 الى 20 دقيقة. وأخيراً تضاف اليها كمية معتدلة من القطر. مقادير طبخة السميد: كوب سميد، كوب حليب، 4 أكواب ماء، القليل من ماء الزهر وماء الورد، ويغلى المزيج على نار هادئة. * الوصفة الثانية: * المقادير: كوب من الكعك الناعم، كوب سميد، جبنة تشيكية مالحة. * طريقة التحضير: * يرش الكعك الناعم في أسفل الصينية، ويمد فوقه السميد المطبوخ. ثم توضح الجبنة بعد نقعها بالماء للتخلص من الملح ويمد فوقها طبقة ثانية من السميد المطبوخ، ويرش عليها الكعك الناعم. وتوضع الصينية في الفرن حتى يحمرّ لون الكعك، ويضاف اليها في ما بعد القليل من القطر